وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ فِي إبَاحَةِ الْحَلْقِ وَاللُّبْسِ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَيْضًا فِي حَظْرِ الْجِمَاعِ قَبْلَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الطِّيبِ وَالصَّيْدِ، فَقَالَ قَائِلُونَ :" هُمَا مُبَاحَانِ قَبْلَ الطَّوَافِ " وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي آخَرِينَ مِنْ السَّلَفِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنِ عُمَرَ :" لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ حَتَّى يَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ ".
وَقَالَ قَوْمٌ :" لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ حَتَّى يَطُوفَ " وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :﴿ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ﴾.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى إبَاحَةِ اللُّبْسِ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَيْسَ لَهُمَا تَأْثِيرٌ فِي إفْسَادِ الْإِحْرَامِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطِّيبُ وَالصَّيْدُ مِثْلَهُمَا.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ :" إنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" أُعْتِقَ مِنْ أَنْ يَمْلِكَهُ الْجَبَابِرَةُ ".
وَقِيلَ :" إنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، بَنَاهُ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ وَلَدُهُ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ أَقْدَمُ بَيْتٍ، فَسُمِّيَ لِذَلِكَ عَتِيقًا ".


الصفحة التالية
Icon