قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْقَانِعُ قَدْ يَكُونُ الرَّاضِي بِمَا رُزِقَ، وَالْقَانِعُ السَّائِلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا ثَعْلَبٌ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : الْقَنَاعَةُ الرِّضَا بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُقَالُ مِنْ الْقَنَاعَةِ رَجُلٌ قَانِعٌ وَقَنِعٌ " وَمِنْ الْقُنُوعِ رَجُلٌ قَانِعٌ " لَا غَيْرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَالَ الشَّمَّاخُ فِي الْقُنُوعِ : لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنْ الْقُنُوعِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ قَالُوا :" الْقَانِعُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَسْأَلُ ".
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَا :" الْقَانِعُ الَّذِي يَسْأَلُ ".
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :" الْمُعْتَرُّ يَتَعَرَّضُ وَلَا يَسْأَلُ ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" الْقَانِعُ جَارُك وَالْغَنِيُّ وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرِيك مِنْ النَّاسِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إنْ كَانَ الْقَانِعُ هُوَ الْغَنِيُّ فَقَدْ اقْتَضَتْ الْآيَةُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةَ بِالثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْأَمْرَ بِالْأَكْلِ وَإِعْطَاءِ الْغَنِيِّ وَإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ الَّذِي يَسْأَلُ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ : لَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ اللُّحُومَ وَلَا الدِّمَاءَ وَلَكِنْ يَتَقَبَّلُ التَّقْوَى مِنْهَا.
وَقِيلَ : لَنْ يَبْلُغَ رِضَا اللَّهِ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَبْلُغُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَيَانًا أَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ الثَّوَابَ بِأَعْمَالِهِمْ ؛ إذْ كَانَتْ اللُّحُومُ وَالدِّمَاءُ فِعْلَ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقُّوا بِهَا الثَّوَابَ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِفِعْلِهِمْ الَّذِي هُوَ التَّقْوَى وَمَجْرَى مُوَافَقَةِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَبْحِهَا.
قَوْله تَعَالَى :﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ ﴾ يَعْنِي : ذَلَّلَهَا لِتَصْرِيفِ الْعِبَادِ