كَانَتْ الصَّدَقَاتُ وَالزَّكَوَاتُ تُحْمَلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيهَا فُقَرَاءَ الصَّحَابَةِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَكَانُوا أَقْوِيَاءَ مُكْتَسِبِينَ، وَلَمْ يَكُنْ يَخُصُّ بِهَا الزَّمْنَى دُونَ الْأَصِحَّاءِ، وَعَلَى هَذَا أَمْرُ النَّاسِ مِنْ لَدُنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا يُخْرِجُونَ صَدَقَاتِهِمْ إلَى الْفُقَرَاءِ الْأَقْوِيَاءِ وَالضُّعَفَاءِ مِنْهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ مِنْهَا ذَوِي الْعَاهَاتِ وَالزَّمَانَةِ دُونَ الْأَقْوِيَاءِ الْأَصِحَّاءِ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةً وَغَيْرَ جَائِزَةٍ عَلَى الْأَقْوِيَاءِ الْمُكْتَسِبِينَ الْفُرُوضَ مِنْهَا أَوْ النَّوَافِلَ لَكَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ لِلْكَافَّةِ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ لِلْكَافَّةِ عَلَى حَظْرِ دَفْعِ الزَّكَوَاتِ إلَى الْأَقْوِيَاءِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمُتَكَسَّبِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهُ تَوْقِيفٌ لِلْكَافَّةِ لَوَرَدَ النَّقْلُ بِهِ مُسْتَفِيضًا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ إعْطَائِهَا الْأَقْوِيَاءَ الْمُتَكَسِّبِينَ مِنْ الْفُقَرَاءِ كَجَوَازِ إعْطَائِهَا الزَّمْنَى وَالْعَاجِزِينَ عَنْ الِاكْتِسَابِ.