وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ أَخْذِ بَنِي هَاشِمٍ لِلْعِمَالَةِ مِنْ الصَّدَقَةِ إذَا عَمِلُوا عَلَيْهَا، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ :﴿ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى الصَّدَقَةِ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يَأْخُذُ عِمَالَتَهُ مِنْهَا ﴾، قَالَ مُحَمَّدٌ :﴿ وَإِنَّمَا يَصْنَعُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُرُوجِهِ إلَى الْيَمَنِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ الصَّدَقَةِ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿ لَا يَعْمَلُ عَلَى الصَّدَقَةِ ﴾ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَعْمَلُهَا لِيَأْخُذَ عِمَالَتَهَا، فَأَمَّا إذَا عَمِلَ عَلَيْهَا مُتَبَرِّعًا عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا فَهَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ :﴿ لَا بَأْسَ بِالْعِمَالَةِ لَهُمْ مِنْ الصَّدَقَةِ ﴾.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ : سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ جَيْشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَعَثَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَيْهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : انْطَلِقَا إلَى عَمِّكُمَا لَعَلَّهُ يَسْتَعْمِلُكُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَاءَا فَحَدَّثَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَاجَتِهِمَا، فَقَالَ لَهُمَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا غُسَالَةُ الْأَيْدِي، إنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا يُغْنِيكُمَا أَوْ يَكْفِيكُمَا.
﴾ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلْعَبَّاسِ سَلْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعْمِلَك عَلَى الصَّدَقَةِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ :﴿ مَا كُنْت لِأَسْتَعْمِلكَ عَلَى غُسَالَةِ ذُنُوبِ النَّاسِ ﴾ وَرَوَى الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ سَأَلَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ