وَاخْتُلِفَ فِي إعْطَاءِ الذِّمِّيِّ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يُعْطَى الذِّمِّيُّ مِنْ الزَّكَاةِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ :﴿ إذَا لَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا أَعْطَى الذِّمِّيَّ ﴾ فَقِيلَ لَهُ : فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُسْلِمٌ ؛ فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى إعْطَائِهَا لِلذِّمِّيِّ الَّذِي هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ.
وَالْحُجَّةُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أُمِرْت أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ ﴾ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ صَدَقَةٍ أَخَذَهَا إلَى الْإِمَامِ مَقْصُورَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهَا الْكُفَّارَ، وَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمُونَ لَمْ يُعْطَ الْكُفَّارُ ثَبَتَ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ، إذْ لَوْ جَازَ إعْطَاؤُهَا إيَّاهُمْ بِحَالٍ لَجَازَ فِي كُلِّ حَالٍ لِوُجُودِ الْفَقْرِ كَسَائِرِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ.