وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ :( إذَا قَذَفَهَا بَعْدَمَا بَانَتْ مِنْهُ جُلِدَ الْحَدَّ ) قَالَ عَطَاءٌ :( وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾.
وَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَامًّا فِي قَاذِفِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ، ثُمَّ نُسِخَ مِنْهُ قَاذِفُ الزَّوْجَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ وَالْبَائِنَةُ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ، فَعَلَى الَّذِي كَانَ زَوْجُهَا الْحَدُّ إذَا قَذَفَهَا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ وَمَنْ أَوْجَبَ اللِّعَانَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَارْتِفَاعِ الزَّوْجِيَّةِ فَقَدْ نَسَخَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا لَمْ يَرِدْ تَوْقِيفٌ بِنَسْخِهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ الْقُرْآنِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِي إثْبَاتِ اللِّعَانِ ؛ إذْ كَانَ اللِّعَان حَدًّا عَلَى مَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِ الْحُدُودِ مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ أَوْ الِاتِّفَاقُ.
وَأَيْضًا لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا بِغَيْرِ وَلَدٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا لِعَانَ، فَثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْآيَةِ وَلَا مُرَادٍ، ؛ إذْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ نَفْيُ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا فِيهَا ذِكْرُ الْقَذْفِ، وَنَفْيُ الْوَلَدِ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّنَّةِ وَلَمْ تَرِدْ السُّنَّةُ بِإِيجَابِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا يُلَاعَن بَيْنَهُمَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَلَا يَنْتَفِي مِنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ قِيَاسًا عَلَى حَالِ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ فِي نَسْخِ حُكْمِ الْآيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ فَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْآيَةِ بِالْقِيَاسِ ؛ وَأَيْضًا لَوْ جَازَ