الْحَمْلَ لِأَنَّ وَضْعَهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَنْقَطِعُ بِهِ النَّفَقَةُ، وَأَمَّا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَوْنُهُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تُسْقِطُهَا الشُّبْهَةُ وَالْحَدُّ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالشُّبْهَةِ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَا.
وَكَذَلِكَ مَنْ يُوجِبُ فِي الدِّيَةِ أَرْبَعِينَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا فَإِنَّهُ يُوجِبُهَا عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ، وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ إيجَابُ الْحَدِّ بِهِ، وَهَذَا كَمَا يُحْكَمُ بِظَاهِرِ وُجُودِ الدَّمِ أَنَّهُ حَيْضَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ بِهِ حَتَّى يَتِمَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ ظَاهِرُ أَمْرِهَا الْحَبَلَ لَا تَكُونُ رُؤْيَتُهَا الدَّمَ حَيْضًا، فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ حَيْضًا ؛ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ :﴿ إنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ ﴾ فَإِنَّهُ فِيمَا أَضَافَهُ إلَى هِلَالٍ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَةِ إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ مِنْهُ بِلِعَانِهِ إيَّاهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا، وَقَوْلُهُ :( فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إلْحَاقُ النَّسَبِ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ مَائِهِ فِي غَالِبِ الرَّأْيِ ؛ لِأَنَّ الزَّانِي لَا يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ﴾.
فَإِنْ قِيلَ : فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي امْرَأَةٍ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاهٍ لَا يَشُكُّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ هَذَا أَشْيَاءُ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْرَجَةٌ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُ عَبَّادِ


الصفحة التالية
Icon