اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ؛ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَكَانَتْ سُنَّةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ.
وَفِي هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ لَمْ يُوجِبْ الْفُرْقَةَ لِقَوْلِهِ :( كَذَبْت عَلَيْهَا إنْ أَمْسَكْتُهَا ) وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ إخْبَارًا مِنْهُ بِأَنَّهُ مُمْسِكٌ لَهَا بَعْدَ اللِّعَانِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَدْ وَقَعَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَاسْتَحَالَ قَوْلُهُ :( كَذَبْت عَلَيْهَا إنْ أَمْسَكْتهَا ) وَهُوَ غَيْرُ مُمْسِكٍ لَهَا، فَلَمَّا أُخْبِرَ بَعْدَ اللِّعَانِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مُمْسِكٌ لَهَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَقَعْ بِنَفْسِ اللِّعَانِ ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَارَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا عَلَى الْكَذِبِ وَلَا عَلَى اسْتِبَاحَةِ نِكَاحٍ قَدْ بَطَلَ، فَثَبَتَ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَقَعْ بِنَفْسِ اللِّعَانِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنُ مِلْحَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِكِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ يَذْكُرُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ﴿ أَنَّ عُوَيْمِرًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت عِنْدَ أَهْلِي رَجُلًا أَأَقْتُلُهُ ؟ قَالَ : ائْتِ بِامْرَأَتِك فَإِنَّهُ قَدْ نَزَلَ فِيكُمَا فَجَاءَ بِهَا فَلَاعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ : إنِّي قَدْ افْتَرَيْت عَلَيْهَا إنْ لَمْ أُفَارِقْهَا.
﴾ فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَارَقَهَا بِاللِّعَانِ وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ اللِّعَانِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَهُ ؛ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَقَدْ خَالَفَ