هُوَ لِقَطْعِ الْفِرَاشِ وَلَا فَرْشَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، فَامْتَنَعَ لِعَانُهَا وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ : فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ تَفْرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاللِّعَانِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ بِقَوْلِهِ :﴿ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا ﴾ قِيلَ لَهُ : هَذَا صَرْفٌ لِلْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَمَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿ لَا تَحِلُّ لَك لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا ﴾ إنْ لَمْ تَقَعْ بِهِ فُرْقَةٌ فَلَيْسَ بِتَفْرِيقٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ بِالْحُكْمِ، وَالْمُخْبِرُ بِالْحُكْمِ لَا يَكُونُ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ : رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ﴾، وَذَلِكَ إخْبَارٌ مِنْهُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا إلَى أَنْ يُفَرَّقَ لَكَانَا مُجْتَمِعَيْنِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ قَالَ :( يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ ) فَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُمَا إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ مَا دَامَا عَلَى حَالِ التَّلَاعُنِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ الْفُرْقَةُ حَتَّى يَحْكُمَ بِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ، وَلَوْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعْنَاهُ مَا وَصْفنَا.
وَأَيْضًا يُضَمُّ إلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَأَنَّ الْفُرْقَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ، فَإِذَا جَمَعْنَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخَبَرِ تَضَمَّنَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ.
وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ الَّتِي لَا يَثْبُتُ


الصفحة التالية
Icon