قَذَفَهُمْ عَلَى جِهَةِ الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ بِمَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ فَقَدْ أُمِرْنَا بِمُوَالَاتِهِمْ وَالْحُكْمِ لَهُمْ بِالْعَدَالَةِ بِظَاهِرِ حَالِهِمْ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الرَّوِيَّةَ وَقَبُولَ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمْ رِيبَةٌ تُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنْهَا أَوْ رَدَّهَا ؛ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّهُ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ﴾.
وَقَوْلُهُ ﴿ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ﴾ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَظُنَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ خَيْرًا، كَقَوْلِهِ :﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ وَالْمَعْنَى : فَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكَقَوْلِهِ :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ يَعْنِي : لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ كَالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا يَجْرِي عَلَيْهَا مِنْ الْأُمُورِ، فَإِذَا جَرَى عَلَى أَحَدِهِمْ مَكْرُوهٌ فَكَأَنَّهُ قَدْ جَرَى عَلَى جَمِيعِهِمْ، كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ دَوَّسَتْ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي تَوَاصُلِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَاَلَّذِي جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذَا وَجِعَ بَعْضُهُ وَجِعَ كُلُّهُ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ﴾.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ نَاجِيَةٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِك بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :{