قَوْله تَعَالَى :﴿ إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾.
قُرِئَ :( تَلَقَّوْنَهُ ) بِالتَّشْدِيدِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ :( يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِيُشِيعَهُ ).
وَعَنْ عَائِشَةَ :( تَلِقُونَهُ ) مِنْ وَلِقْ الْكَذِبِ، وَهُوَ الِاسْتِمْرَارُ عَلَيْهِ ؛ وَمِنْهُ : وَلَقَ فُلَانٌ فِي السَّيْرِ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ.
فَذَمَّهُمْ تَعَالَى عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَقِينًا فِي ظَنِّهِمْ وَحُسْبَانِهِمْ فَهُوَ عَظِيمُ الْإِثْمِ عِنْدَهُ لِيَرْتَدِعُوا عَنْ مِثْلِهِ عِنْدَ عِلْمِهِمْ بِمَوْقِعِ الْمَأْثَمِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ :﴿ وَلَوْلَا إذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ تَعْلِيمًا لَنَا بِمَا نَقُولُهُ عِنْدَ سَمَاعِ مِثْلِهِ فِيمَنْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ الْعَدَالَةَ وَبَرَاءَةَ السَّاحَةِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ أَيْ : تَنْزِيهًا لَك مِنْ أَنْ نُغْضِبَكَ بِسَمَاعِ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ فِي تَصْدِيقِ قَائِلِهِ، وَهُوَ كَذِبٌ وَبُهْتَانٌ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ.