أَحَدٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا تَخْصِيصٌ بِلَا دَلَالَةٍ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى حِفْظَهَا عَنْ سَائِرِ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ الزِّنَا وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآيِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي حِفْظِ الْفُرُوجِ هِيَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ ؛ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ أَبُو الْعَالِيَةِ ذَهَبَ فِي إيجَابِ التَّخْصِيصِ فِي النَّظَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِغَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ مِنْ النَّظَرِ وَمِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ ؛ وَعَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ حَظْرَ النَّظَرِ فَلَا مَحَالَةَ أَنَّ اللَّمْسَ وَالْوَطْءَ مُرَادَانِ بِالْآيَةِ ؛ إذْ هُمَا أَغْلَظُ مِنْ النَّظَرِ، فَلَوْ نَصَّ اللَّهُ عَلَى النَّظَرِ لَكَانَ فِي مَفْهُومِ الْخِطَابِ مَا يُوجِبُ حَظْرَ الْوَطْءِ وَاللَّمْسِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ قَدْ اقْتَضَى حَظْرَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنْ السَّبِّ وَالضَّرْبِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ :﴿ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ قَالَ :( مَا كَانَ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ، الْخِضَابُ وَالْكُحْلُ ) وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا :( أَنَّهَا الْكَفُّ وَالْوَجْهُ وَالْخَاتَمُ ) وَقَالَتْ عَائِشَةُ :( الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ : الْقُلْبُ وَالْفَتْخَةُ ) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ :( الْفَتْخَةُ، الْخَاتَمُ ).
وَقَالَ الْحَسَنُ :( وَجْهُهَا وَمَا ظَهَرَ مِنْ ثِيَابِهَا ).
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ :( وَجْهُهَا مِمَّا ظَهَرَ مِنْهَا ).
وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :( الزِّينَةُ زِينَتَانِ : زِينَةٌ بَاطِنَةٌ لَا يَرَاهَا إلَّا الزَّوْجُ الْإِكْلِيلُ وَالسِّوَارُ وَالْخَاتَمُ، وَأَمَّا الظَّاهِرَةُ