وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَمَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ لَهَا كَذَوِي الْمَحَارِمِ لِلْحَرَائِرِ حِينَ جَازَ لَهُمْ السَّفَرُ بِهِنَّ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ ﴾ فَلَمَّا جَازَ لِلْأَمَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ لِذَوِي مَحْرَمِهَا فِيمَا يُسْتَبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ :﴿ لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ ﴾ دَالٌّ عَلَى اخْتِصَاصِ ذِي الْمَحْرَمِ بِاسْتِبَاحَةِ النَّظَرِ مِنْهَا إلَى كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ مَا وَصَفْنَا بَدِيًّا وَرَوَى مُنْذَرٌ الثَّوْرِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يُمَشِّطُ أُمَّهُ، وَرَوَى أَبُو البختري أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يَدْخُلَانِ عَلَى أُخْتِهِمَا أُمِّ كُلْثُومٍ وَهِيَ تَمْتَشِطُ، وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُهُ فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ : أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى شَعْرِ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ، وَكَرِهَ السَّاقَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي مُقْتَضَى الْآيَةِ.
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ أَخِيهَا قَالَ :( وَاَللَّهِ مَا لَهَا ذَلِكَ ).
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ : أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ : أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسَدِّدَ الرَّجُلُ النَّظَرَ إلَى شَعْرِ ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَخَافُ فِيهَا أَنْ تُشْتَهَى ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا الشَّهْوَةُ لَكَانَ خِلَافَ الْآيَةِ وَالسُّنَّةِ وَلَكَانَ ذُو مَحْرَمِهَا والأجنبيون سَوَاءً.


الصفحة التالية
Icon