الَّتِي يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَتَاةٍ بِكْرٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَجِيزِي مَا صَنَعَ أَبُوك ؛ ﴾ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا سَلَفَ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ وَأَمَتَةَ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا ؛ وَأَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا بِغَيْرِ إذْنٍ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ ﴾ فَثَبَتَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ لَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ، فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الْمَوْلَى مِنْهُمَا ذَلِكَ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا يَمْلِكَانِهَا وَيَمْلِكُهَا الْمَوْلَى عَلَيْهِمَا.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ خَبَرٌ، وَمُخْبَرُ اللَّهِ تَعَالَى لَا مَحَالَةَ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ، فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا فِي بَعْضِ الْمَذْكُورِينَ دُونَ بَعْضٍ ؛ إذْ قَدْ وَجَدْنَا مَنْ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَسْتَغْنِي بِالْمَالِ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْغِنَى بِالْعَفَافِ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ خَاصًّا فَهُوَ فِي الْأَيَامَى الْأَحْرَارِ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ فَيَسْتَغْنُونَ بِمَا يَمْلِكُونَ، أَوْ يَكُونُ عَامًّا فَيَكُونُ الْمَعْنَى وُقُوعَ الْغِنَى بِمِلْكِ الْبُضْعِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ عَنْ تَعَدِّيهِ إلَى الْمَحْظُورِ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إذًا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا مَسْأَلَةَ مِلْكِ الْعَبْدِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ