مَوْقُوفٌ مُرَاعًى، فَإِنْ أُدِّيَتْ كِتَابَتُهُ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ كَانَ حُرًّا قَبْلَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ، كَمَا أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إيقَاعُ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى فَأَدَّى الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ حَكَمْنَا بِعِتْقٍ مُوقَعٍ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ فِي الْأُصُولِ نَظَائِرُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُرَاعًى عَلَى مَعْنَى مَتَى وُجِدَ حُكِمَ بِوُقُوعِهِ بِحَالٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِثْلُ مَنْ جَرَحَ رَجُلًا فَيَكُونُ حُكْمُ جِرَاحَتِهِ مُرَاعًى، فَلَوْ مَاتَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ الْجِرَاحَةِ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ كَانَ قَاتِلًا يَوْمَ الْجِرَاحَةِ مَعَ اسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْقَتْلِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَمَا أَأَنَّ رَجُلًا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَتْ فِيهَا دَابَّةٌ لِإِنْسَانٍ لَحِقَهُ ضَمَانُهَا وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ؛ فَلَوْ كَانَ تَرَكَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ وَقَعَتْ فِيهَا دَابَّةٌ ضَمِنَ الْوَارِثُ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَحَكَمْنَا فِي بَابِ الضَّمَانِ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الْمَوْتِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ حَمْلًا فَوَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِيَوْمٍ وَرِثَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ كَانَ نُطْفَةً وَقْتَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَلَدًا ثُمَّ قَدْ حَكَمْنَا لَهُ بِحُكْمِ الْوَلَدِ حِينَ وَضَعَتْهُ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ أَبْرَأَ الْغَرِيمَ مِنْ الدَّيْنِ أَخَذَ ابْنُ الْمَيِّتِ مِنْهَا حِصَّتَهُ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِابْنَ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَلَكِنَّهُ جُعِلَ فِي حُكْمِ الْمَالِكِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ، كَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَقْتُولَ خَطَأً لَا تَجِبُ دِيَتُهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ