: رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِهِ.
وَالْآخَرُ إزَالَةُ الْإِنْجَاسِ.
فَأَمَّا نَجَاسَةٌ مَوْجُودَةٌ فِيهِ لَمْ تُزِلْهَا عَنْ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُطَهِّرًا لَهَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ :( طَهُورًا ) أَنَّهُ يَجْعَلُ النَّجَاسَةَ غَيْرَ نَجَاسَةٍ، وَهَذَا مُحَالٌ ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّمِ وَالْخَمْرِ وَسَائِرِ الْخَبَائِثِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إنْجَاسًا، كَمَا أَنَّهَا إذَا ظَهَرَتْ فِيهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَعْيَانُهَا نَجِسَةً وَلَمْ يَكُنْ لِمُجَاوَرَةِ الْمَاءِ إيَّاهَا حُكْمٌ فِي تَطْهِيرِهَا.
فَإِنْ قِيلَ : إذَا كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا فَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ فَالْحُكْمُ لِلْمَاءِ، كَمَا لَوْ وَقَعَتْ فِيهِ قَطْرَةٌ مِنْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ حُكْمُ الْمَاءِ لِوُجُودِ الْغَلَبَةِ، وَلِأَنَّ تِلْكَ الْأَجْزَاءَ مَغْمُورَةٌ مُسْتَهْلَكَةٌ، فَحُكْمُ النَّجَاسَةِ إذَا حَلَّتْ الْمَاءَ حُكْمُ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ إذَا خَالَطَتْهُ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَاتِ كُلَّهَا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا فِيمَا تُخَالِطُهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ مِنْهَا دُونَ الْمُسْتَهْلَكَاتِ الْمَغْمُورَةِ مِمَّا خَالَطَهَا، وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ مُخَالَطَةَ النَّجَاسَةِ الْيَسِيرَةِ لِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ غَيْرِ الْمَاءِ تُفْسِدُهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْغَلَبَةِ مَعَهَا حُكْمٌ بَلْ كَانَ الْحُكْمُ لَهَا دُونَ الْغَالِبِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا، فَكَذَلِكَ الْمَاءُ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مُطَهِّرًا لِلنَّجَاسَةِ لِمُجَاوَرَتِهِ لَهَا فَوَاجِبٌ أَنْ يُطَهِّرَهَا بِالْمُجَاوَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَامِرًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا لَهَا مِنْ أَجْلِ غُمُورِهِ لَهَا وَغَلَبَتِهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ سَائِرُ الْمَائِعَاتِ إذَا خَالَطَتْهَا نَجَاسَةٌ غَامِرَةٌ لَهَا وَغَالِبَةٌ عَلَيْهَا وَكَانَ الْحُكْمُ مَعَ ذَلِكَ لِلنَّجَاسَةِ دُونَ مَا غَمَرَهَا.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمِ