وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَاءَ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ أَصْلَ الْحَيَوَانِ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ وَاَللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ﴾ وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ النُّطْفَةَ الَّتِي خَلَقَ مِنْهَا وَلَدَ آدَمَ.
وَقَوْلُهُ :﴿ فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾ قَالَ طَاوُسٌ :" الرَّضَاعَةُ مِنْ الصِّهْرِ " وَقَالَ الضَّحَّاكُ رِوَايَةً :( النَّسَبُ الرَّضَاعُ وَالصِّهْرُ الْخُتُونَةُ ) وَقَالَ الْفَرَّاءُ :( النَّسَبُ الَّذِي لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ وَالصِّهْرُ النَّسَبُ الَّذِي يَحِلُّ نِكَاحُهُ كَبَنَاتِ الْعَمِّ ).
وَقِيلَ :( إنَّ النَّسَبَ مَا رَجَعَ إلَى وِلَادَةٍ قَرِيبَةٍ وَالصِّهْرَ خَلْطَةٌ تُشْبِهُ الْقَرَابَةَ ).
وَقَالَ الضَّحَّاكُ :" النَّسَبُ سَبْعَةُ أَصْنَافٍ " ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ ﴾ وَالصِّهْرُ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ :﴿ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالْمُتَعَارَفُ فِي الْأَصْهَارِ أَنَّهُمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ نِسَاءِ مَنْ أُضِيفَ إلَيْهِ ذَلِكَ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ أَوْصَى لِأَصْهَارِ فُلَانٍ أَنَّهُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِنِسَاءِ فُلَانٍ، وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ النَّاسِ، قَالَ : وَالْأَخْتَانُ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ وَكُلُّ ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْخَتْنِ، وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَيْضًا ؛ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الصِّهْرُ فِي مَوْضِعِ الْخَتْنِ فَيُسَمُّونَ الْخَتْنَ صِهْرًا، قَالَ الشَّاعِرُ : سَمَّيْتهَا إذْ وُلِدَتْ تَمُوتُ وَالْقَبْرُ صِهْرٌ ضَامِنٌ زَمِيتُ فَأَقَامَ الصِّهْرَ مَقَامَ الْخَتْنِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ ذَلِكَ.