وقَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ قِيلَ :( لَازِمًا مُلِحًّا دَائِمًا )، وَمِنْهُ الْغَرِيمُ لِمُلَازَمَتِهِ وَإِلْحَاحِهِ، وَإِنَّهُ لَمُغْرَمٌ بِالنِّسَاءِ أَيْ مُلَازِمٌ لَهُنَّ لَا يَصْبِرُ عَنْهُنَّ ؛ وَقَالَ الْأَعْشَى : إنْ يُعَاقِبْ يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْطِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ : يَوْمَ النِّسَارِ وَيَوْمَ الْجِفَا رِ كَانَا عَذَابًا وَكَانَا غَرَامَا قَالَ لَنَا أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ : أَصْلُ الْغُرْمِ اللُّزُومُ فِي اللُّغَةِ ؛ وَذَكَرَ نَحْوًا مِمَّا قَدَّمْنَا.
وَيُسَمَّى الدَّيْنُ غُرْمًا وَمَغْرَمًا ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي اللُّزُومَ وَالْمُطَالَبَةَ، فَيُقَالُ لِلطَّالِبِ الْغَرِيمُ ؛ لِأَنَّ لَهُ اللُّزُومَ وَلِلْمَطْلُوبِ غَرِيمٌ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ ؛ وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يُغْلِقُ الرَّهْنُ لِصَاحِبِهِ غُنْمَهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ﴾ يَعْنِي دَيْنَهُ الَّذِي هُوَ مَرْهُونٌ بِهِ.
وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْغُرْمَ الْهَلَاكُ ؛ قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا خَطَأٌ فِي اللُّغَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ :( لَيْسَ غَرِيمٌ إلَّا مُفَارِقًا غَرِيمَهُ غَيْرَ جَهَنَّمَ فَإِنَّهَا لَا تُفَارِقُ غَرِيمَهَا ).