قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ الْآيَةَ.
قَالَ مُجَاهِدٌ :( كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَسْلَمُوا، فَآذَاهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَصَفَحُوا عَنْهُمْ، يَقُولُونَ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا سَلَامُ مُتَارَكَةٍ وَلَيْسَ بِتَحِيَّةٍ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ :﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ وَقَالَ : إبْرَاهِيمُ ﴿ سَلَامٌ عَلَيْك سَأَسْتَغْفِرُ لَك رَبِّي ﴾.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا يَجُوزُ عَلَى جَوَازِ ابْتِدَاءِ الْكَافِرِ بِالسَّلَامِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ السَّلَامَ يَنْصَرِفُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدِهِمَا : الْمُسَالَمَةُ الَّتِي هِيَ الْمُتَارَكَةُ، وَالثَّانِي : التَّحِيَّةُ الَّتِي هِيَ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَالْأَمْنِ، نَحْوَ تَسْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتٌّ أَحَدُهَا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ ﴾، وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُفَّارِ :﴿ لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَ إنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon