وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ قِيلَ إنَّهُ وَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إذَا لَقُوا الْمُشْرِكِينَ ظَفِرُوا بِهِمْ وَاسْتَعْلَوْا عَلَيْهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾.
وَقَالَ قَتَادَةُ : الَّذِي وَعَدَهُمْ فِي قَوْلِهِ :﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ الْآيَةَ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ إخْبَارٌ عَنْ صِفَتِهِمْ فِي حَالِ الْمِحْنَةِ وَأَنَّهُمْ ازْدَادُوا عِنْدَهَا يَقِينًا وَبَصِيرَةً، وَذَلِكَ صِفَةُ أَهْلِ الْبَصَائِرِ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ﴾ قِيلَ : إنَّ النَّحْبَ النَّذْرُ، أَيْ قَضَى نَذْرَهُ الَّذِي نَذَرَهُ فِيمَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ :( قَضَى نَحْبَهُ : مَاتَ عَلَى مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ ).
وَيُقَالُ : إنَّ النَّحْبَ الْمَوْتُ، وَالنَّحْبَ الْمَدُّ فِي السَّيْرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :( قَضَى نَحْبَهُ : عَهْدَهُ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا كَانَ النَّحْبُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَهْدَ وَالنَّذْرَ وَقَدْ مَدَحَهُمْ اللَّهُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ بِعَيْنِهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ بِعَيْنِهِ دُونَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.


الصفحة التالية
Icon