عَلَى أَصْلِهِ أَنْ لَا يَقَعَ طَلَاقُهُ وَإِنْ خَصَّ كَمَا لَمْ تُحَرَّمْ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا تَحْرِيمًا مُبْهَمًا وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبْطِلْ حُكْمَ ظِهَارِهِ وَتَحْرِيمِهِ بَلْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَوْلِ وَأَثْبَتَ حُكْمَ ظِهَارِهِ.
وَأَيْضًا إنَّ الْحَالِفَ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ النِّسَاءِ غَيْرُ مُحَرِّمٍ لِلنِّسَاءِ عَلَى نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ بِذَلِكَ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ طَلَاقًا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَوُقُوعِ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا قَالَ :( كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ) مَتَى أَلْزَمْنَاهُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ مُبْهَمًا بَلْ إنَّمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ.
فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تُنْبِئُ عَنْ إغْفَالِ هَذَا السَّائِلِ فِي سُؤَالِهِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَسْأَلَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إذَا قَالَ :( إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ) أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ :( إذَا صَحَّ نِكَاحِي لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا مَلَكْتُك بِالشِّرَى فَأَنْتَ حُرٌّ ) ؛ وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ النِّكَاحَ وَالشِّرَى شَرْطًا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَسَبِيلُ ذَلِكَ الْبُضْعِ وَمَلْكِ الرَّقَبَةِ أَنْ يَقَعَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَذِهِ هِيَ حَالُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، فَيُرَدُّ الْمِلْكُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعًا فَلَا يَقَعَانِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقَعَانِ إلَّا فِي مِلْكٍ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ :( إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ) مَعْلُومٌ مِنْ فَحَوَى كَلَامِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِيقَاعِ الْعَتَاقِ بَعْدَ صِحَّةِ الْمِلْكِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَائِلِ :( إذَا مَلَكْتُك بِالنِّكَاحِ أَوْ مَلَكْتُك بِالشِّرَى )


الصفحة التالية
Icon