وقَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ﴾ قَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ الْخَلْوَةَ مُرَادَةٌ بِالْمَسِيسِ وَأَنَّ نَفْيَ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْيِ الْخَلْوَةِ وَالْجِمَاعِ جَمِيعًا، وَفِيمَا قَدَّمْنَا مَا يُغْنِي عَنْ الْإِعَادَةِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَمَتِّعُوهُنَّ ﴾ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ ﴾ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَهُوَ نَدْبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾ الْآيَةَ، قَالَ :( الَّتِي نُكِحَتْ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهَا وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا فَلَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ ).
وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدٍ :" هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ فِي الْبَقَرَةِ :﴿ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ ".
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَسَرِّحُوهُنَّ ﴾ بَعْدَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ إخْرَاجَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مِنْ حِبَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا التَّسْرِيحَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ بَيَانُ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَأَنَّ عَلَيْهِ تَخْلِيَتَهَا مِنْ يَدِهِ وَحِبَالِهِ.
وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.