التَّزْوِيجَ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ التَّمْلِيكِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِهِمَا.
وَأَيْضًا لَمَّا أَشْبَهَ عَقْدُ النِّكَاحِ عُقُودَ التَّمْلِيكَاتِ فِي إطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَقْتِ وَكَانَ التَّوْقِيتُ يُفْسِدُهُ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ كَجَوَازِ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمَمْلُوكَةِ ؛ وَهَذَا أَصْلٌ فِي جَوَازِ سَائِرِ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ.
وَلَا يَجُوزُ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَصْلًا آخَرَ يَمْنَعُ جَوَازَهُ وَهُوَ الْمُتْعَةُ الَّتِي حَرَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَى الْمُتْعَةِ إبَاحَةُ التَّمَتُّعِ بِهَا، فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِبَاحَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ قِيَاسًا عَلَى الْمُتْعَةِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ لِشَبَهِهِ بِهَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ وَعِكْرِمَةَ :( أَنَّهَا مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ ).
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ :( هِيَ أُمُّ شَرِيكٍ الدوسية ).
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ :( أَنَّهَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ).
وَقِيلَ :( إنَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ ).