هُوَ أَهْدَى وَاَلَّذِي هُوَ أَهْنَأُ وَاَلَّذِي هُوَ أَتْقَى.
فَإِنْ قِيلَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ ﴾ فَجَعَلَ الْجِمَاعَ لَمْسًا.
قِيلَ لَهُ : إنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَقُلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا لَا تَمْنَعُ لَامِسًا، وَإِنَّمَا قَالَ يَدَ لَامِسٍ، وَلَمْ يَقُلْ فَرْجَ لَامِسٍ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْك كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ اللَّمْسِ بِالْيَدِ، وَقَالَ جَرِيرٌ الْخَطْفِيُّ يُعَاتِبُ قَوْمًا : أَلَسْتُمْ لِئَامًا إذْ تَرُومُونَ جَارَهُمْ وَلَوْلَا هُمُو لَمْ تَمْنَعُوا كَفَّ لَامِسِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَطْءَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّكُمْ لَا تَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ الضَّيْمَ وَمَنَعَ أَمْوَالَكُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، فَكَيْفَ تَرُومُونَ جَارَهُمْ بِالظُّلْمِ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ تَزْوِيجَ الزَّانِيَةِ وَإِمْسَاكَهَا عَلَى النِّكَاحِ مَحْظُورٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَا دَامَتْ مُقِيمَةً عَلَى الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ يَعْنِي الْعَفَائِفَ مِنْهُنَّ ؛ وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ مِنْ الزِّنَا فَتُلْحِقَهُ بِهِ وَتُوَرِّثَهُ مَالَهُ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا تَائِبَةٌ غَيْرُ مُقِيمَةٍ عَلَى الزِّنَا، وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ زِنَاهَا لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ فِي الْقَاذِفِ لِزَوْجَتِهِ بِاللِّعَانِ ثُمَّ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ كَانَ وُجُودُ الزِّنَا مِنْهَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ لَوَجَبَ إيقَافُ الْفُرْقَةِ بِقَذْفِهِ إيَّاهَا لَاعْتِرَافِهِ بِمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ كَانَ وَطِئَهَا