فِيمَنْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ وَلَدِي : إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ ظَاهِرُهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ شَاةٍ وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : كُنْت عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي قَالَ : لَا تَنْحَرِي ابْنَك وَكَفِّرِي عَنْ يَمِينِك " فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ : إنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" مَهْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الظِّهَارِ مَا سَمِعْت وَأَوْجَبَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إيجَابِهِ كَبْشًا ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَذْهَبِهِ إيجَابُهُمَا جَمِيعًا إذَا أَرَادَ بِالنَّذْرِ الْيَمِينَ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِيمَنْ قَالَ :" لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدًا " فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَرَادَ الْيَمِينَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَالْقَضَاءَ جَمِيعًا.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الذَّبِيحِ مِنْ وَلَدَيْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَكَعْبٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا.
وَمَنْ قَالَ : هُوَ إسْمَاعِيلُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ عَقِيبَ ذِكْرِ الذَّبْحِ :﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا ﴾ فَلَمَّا كَانَتْ الْبِشَارَةُ بَعْدَ الذَّبْحِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِبِشَارَةٍ بِوِلَادَتِهِ وَإِنَّمَا هِيَ بِشَارَةٌ بِنُبُوَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا ﴾


الصفحة التالية
Icon