قَوْله تَعَالَى :﴿ إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾.
قَالَ مُجَاهِدٌ : صُفُونُ الْفَرَسِ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ وَذَاكَ مِنْ عَادَةِ الْخَيْلِ وَالْجِيَادُ السِّرَاعُ مِنْ الْخَيْلِ، يُقَالُ فَرَسٌ جَوَادٌ، إذَا جَادَ بِالرَّكْضِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ﴾ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا : إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ الَّذِي يُنَالُ بِهَذَا الْخَيْلِ فَشُغِلْت بِهِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي، وَهُوَ الصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيَحْتَمِلُ : إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ، وَهُوَ يُرِيدُ بِهِ الْخَيْلَ نَفْسَهَا فَسَمَاهَا خَيْرًا لِمَا يُنَالُ بِهَا مِنْ الْخَيْرِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقِتَالِ أَعْدَائِهِ.
وَيَكُونُ قَوْلُهُ ﴿ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ﴾ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِي لِرَبِّي وَقِيَامِي بِحَقِّهِ فِي اتِّخَاذِ هَذَا الْخَيْلِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " حَتَّى تَوَارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ كَقَوْلِ لَبِيدٍ : حَتَّى إذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِرٍ وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلَامُهَا وَكَقَوْلِ حَاتِمٍ أَمَاوِيُ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنْ الْفَتَى إذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَأَضْمَرَ النَّفْسَ فِي قَوْلِهِ :" حَشْرَجَتْ " وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ مَسْعُودٌ :" حَتَّى تَوَارَثَ الْخَيْلُ بِالْحِجَابِ ".
وقَوْله تَعَالَى ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَعَلَ يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا حُبًّا لَهَا وَهَذَا كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الطالقاني قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيُّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى


الصفحة التالية
Icon