وَسَلَّمَ بِالْإِثْخَانِ بِالْقَتْلِ وَحَظَرَ عَلَيْهِ الْأَسْرَ إلَّا بَعْدَ إذْلَالِ الْمُشْرِكِينَ وَقَمْعِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ عَدَدِ عَدُوِّهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَمَتَى أُثْخِنْ الْمُشْرِكُونَ وَأُذِلُّوا بِالْقَتْلِ وَالتَّشْرِيدِ جَازَ الِاسْتِبْقَاءُ.
فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا إذَا وُجِدَ مِثْلُ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَحَدَ شَيْئَيْنِ مِنْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ، وَذَلِكَ يَنْفِي جَوَازَ الْقَتْلِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ قَتَلَ الْأَسِيرِ وَقَالَ :" مُنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادِهِ ".
وَحَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ قَالَ : سَأَلْت عَطَاءً عَنْ قَتْلِ الْأَسِيرِ، فَقَالَ :" مُنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادِهِ " قَالَ : وَسَأَلْت الْحَسَنَ، قَالَ :" يُصْنَعُ بِهِ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُسَارَى بَدْرٍ، يُمَنُّ عَلَيْهِ أَوْ يُفَادَى بِهِ " وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دُفِعَ إلَيْهِ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ إصْطَخْرَ لِيَقْتُلَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْتُلَهُ وَتَلَا قَوْلَهُ :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَرَاهَةَ قَتْلِ الْأَسِيرِ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ السُّدِّيِّ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ :﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ﴾ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ :" هِيَ مَنْسُوخَةٌ "