وقَوْله تَعَالَى - :﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إذْ يُبَايِعُونَك تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِ الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَصِدْقِ بَصَائِرِهِمْ، فَهُمْ قَوْمٌ بِأَعْيَانِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" كَانُوا أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ "، وَقَالَ جَابِرٌ :" أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ "، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلِيَاءَ لِلَّهِ ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ بِرِضَاهُ عَنْ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ إلَّا وَبَاطِنُهُمْ كَظَاهِرِهِمْ فِي صِحَّةِ الْبَصِيرَةِ وَصِدْقِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَلِمَ مِنْ قُلُوبِهِمْ صِحَّةَ الْبَصِيرَةِ وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَأَنَّ مَا أَبْطَنُوهُ مِثْلُ مَا أَظْهَرُوهُ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ يَعْنِي الصَّبْرَ بِصِدْقِ نِيَّاتِهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْفِيقَ يَصْحَبُ صِدْقَ النِّيَّةِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ :﴿ إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا.
﴾