وقَوْله تَعَالَى - :﴿ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴾ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ ذَبْحَ هَدْيِ الْإِحْصَارِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، لِإِخْبَارِهِ بِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا عَنْ بُلُوغِ مَحِلِّهِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ بَلَغَ الْحَرَمَ وَذَبَحَ فِيهِ لَمَا كَانَ مَحْبُوسًا عَنْ بُلُوغِ الْمَحِلِّ.
وَلَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنُّوا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَمْنُوعًا بَدِيًّا عَنْ بُلُوغِ الْمَحِلِّ ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ الصُّلْحُ زَالَ الْمَنْعُ فَبَلَغَ مَحِلَّهُ وَذُبِحَ فِي الْحَرَمِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْمَنْعُ فِي أَدْنَى وَقْتٍ فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ قَدْ مُنِعَ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ﴾ وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي وَقْتٍ وَأُطْلِقَ فِي وَقْتٍ آخِرَ وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَحِلَّ هُوَ الْحَرَمُ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴾ فَلَوْ كَانَ مَحِلُّهُ غَيْرَ الْحَرَمِ لَمَا كَانَ مَعْكُوفًا عَنْ بُلُوغِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ هُوَ الْحَرَمُ.