وقَوْله تَعَالَى - :﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ :" هُوَ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ وَاجِبٌ فِي الْمَالِ " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ ".
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ :﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴾ قَالَ :" الصَّدَقَةُ حَقٌّ مَعْلُومٌ ".
وَرَوَى حَجَّاجٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" نَسَخَتْ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ ".
وَالْحَجَّاجُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مِثْلَهُ.
وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ.
فَرُوِيَ عَنْهُ مَا يَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، فَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قِصَّةَ ﴿ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا عَلَيْهِ، فَذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ، فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ شَيْءٌ غَيْر هَذَا ؟ قَالَ : لَا ﴾.
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ : إذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْك فِيهِ ﴾.
وَرَوَى دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْك ﴾.
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ تَأَوَّلَ " حَقًّا مَعْلُومًا " عَلَى الزَّكَاةِ، وَأَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ غَيْرُهَا.
وَاحْتَجَّ ابْنُ سِيرِينَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ مَعْلُومٌ وَسَائِرُ الْحُقُوقِ الَّتِي يُوجِبُهَا مُخَالِفُوهُ لَيْسَتْ بِمَعْلُومَةٍ.
وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ بِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَفِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ ؟ فَتَلَا :{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾