وَعَائِشَةُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٌ رِوَايَةً وَعَطَاءٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالنَّخَعِيُّ وَعِكْرِمَةُ " الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ ".
وَقَالَ الْحَسَنُ " الْمَحْرُومُ الَّذِي يَطْلُبُ فَلَا يُرْزَقُ ".
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رِوَايَةً وَمُجَاهِدٌ :" الْمَحْرُومُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَام سَهْمٌ "، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ :" الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ ".
وَقَالَ عِكْرِمَةُ " الَّذِي لَا يَنْمُو لَهُ مَالٌ "، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ :" الْمَحْرُومُ الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ "، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ :" الْمَحْرُومُ الْكَلْبُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْكَلْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ بِحَقٍّ مَعْلُومٍ الزَّكَاةَ ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ الْكَلْبِ لَا يُجْزِي مِنْ الزَّكَاةِ.
فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ حَقًّا غَيْرَ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ فِي إطْعَامِ الْكَلْبِ قُرْبَةٌ، كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّ فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّى أَجْرًا، وَإِنَّ رَجُلًا سَقَى كَلْبًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ﴾.
وَالْأَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ ﴿ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴾ أَنَّهُ الزَّكَاةُ ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَهِيَ حَقٌّ مَعْلُومٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْآيَةِ ؛ إذْ جَائِزٌ أَنْ يَنْطَوِيَ تَحْتَهَا وَيَكُونَ اللَّفْظُ عِبَارَةً عَنْهَا ؛ ثُمَّ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَأَوَّلَ السَّلَفُ عَلَيْهِ الْمَحْرُومَ مُرَادًا بِالْآيَةِ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ الزَّكَاةَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا وُضِعَتْ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ دُونَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ.
وَفَرَّقَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي الْآيَةِ بَيْنَ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَحْرِمُ نَفْسَهُ بِتَرْكِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَقَدْ يَحْرِمُهُ النَّاسُ بِتَرْكِ إعْطَائِهِ، فَإِذَا لَمْ يَسْأَلْ فَقَدْ حَرَمَ نَفْسَهُ بِتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ، فَسُمِّيَ مَحْرُومًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ