مِنْ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك فِي زَوْجِهَا ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قلابة قَالَ :" كَانَ طَلَاقُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ فِي الظِّهَارِ مَا جَعَلَ فِيهِ، وَجَعَلَ فِي الْإِيلَاءِ مَا جَعَلَ فِيهِ.
" وَقَالَ عِكْرِمَةُ :" كَانَتْ النِّسَاءُ تُحَرَّمُ بِالظِّهَارِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ :﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك فِي زَوْجِهَا ﴾ الْآيَةَ ".
وَأَمَّا الْمُجَادَلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ :﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك فِي زَوْجِهَا ﴾ :" فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا خويلة " وَقَالَ عِكْرِمَةُ : بِنْتُ ثَعْلَبَةَ وَزَوْجُهَا أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَتْ إنَّ زَوْجَهَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَا أُرَاكِ إلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ ﴾ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، فَقَالَتْ : اُنْظُرْ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ :﴿ مَا أُرَاكِ إلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ ﴾ فَأَعَادَتْ ذَلِكَ مِرَارًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك فِي زَوْجِهَا ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ﴾ قَالَ قَتَادَةُ :" حَرَّمَهَا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ لَهَا فَيَطَأَهَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ مَا أَرَاك إلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ ﴾ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُ الظِّهَارِ، وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَ الظِّهَارِ ؛ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ لِأَنَّ حُكْمَ