الثَّانِيَةِ هُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا فِي الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ﴾ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ﴾ قَالَ :" الْوَطْءُ، فَإِذَا حَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ " وَهَذَا تَأْوِيلٌ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ﴾ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ :" إذَا تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ لَزِمَهُ " وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :" أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ " وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَتَادَةَ :" إذَا أَرَادَ جِمَاعَهَا لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ".
وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي مَعْنَى الْعَوْدِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ :" الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْكَفَّارَةُ " وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَهُمْ اسْتِبَاحَةُ وَطْئِهَا فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا.
وَذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ :" لَوْ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ " وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :" إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ "، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ :" إذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ عَلَى إمْسَاكِهَا، وَإِصَابَتِهَا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وَلَمْ يُجْمِعْ عَلَى إمْسَاكِهَا، وَإِصَابَتِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ ".
وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَفَّارَةِ ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ الظِّهَارِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ :" إذَا أَجْمَعَ بَعْدَ الظِّهَارِ