وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالُوا :" لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ تَابَ إنَّمَا تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ".
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ :" رُفِعَ عَنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ اسْمُ الْفِسْقِ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَلَا تَجُوزُ أَبَدًا ".
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ وَالزُّهْرِيِّ :" أَنَّ شَهَادَتَهُ تُقْبَلُ إذَا تَابَ ".
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ وَجْهٍ مَطْعُونٍ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ :" إنْ تُبْت قُبِلَتْ شَهَادَتُك "، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سُفْيَانُ : عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، ثُمَّ شَكَّ وَقَالَ : هُوَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ :" إنْ تُبْت قُبِلَتْ شَهَادَتُك فَأَبَى أَنْ يَتُوبَ "، فَشَكَّ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرَ بْنِ قَيْسٍ وَيُقَالُ إنَّ عُمَرَ بْنَ قَيْسٍ مَطْعُونٌ فِيهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ عُمَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَذَا الْقَوْلُ.
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرَةَ، وَهَذَا بَلَاغٌ لَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَإِنْ صَحَّ عَنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ فَلَمْ يُخَالِفْهُ إلَّا إلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرَةَ بَعْدَمَا جَلَدَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَالَ قَبْلَ الْجَلْدِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلَافِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي حُكْمِ الْقَاذِفِ إذَا تَابَ فَإِنَّمَا صَدَرَ عَنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْفِسْقِ أَوْ إلَى إبْطَالِ الشَّهَادَةِ وَسِمَةِ الْفِسْقِ جَمِيعًا فَيَرْفَعُهُمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَقْصُورُ الْحُكْمِ عَلَى مَا يَلِيهِ مِنْ زَوَالِ سِمَةِ الْفِسْقِ بِهِ دُونَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي اللُّغَةِ رُجُوعُهُ إلَى مَا


الصفحة التالية
Icon