مُسْتَعْمَلًا فِيهِ وَأَنْ لَا نُزِيلَهَا عَنْهُ إلَّا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي صِيغَتُهُ رَفْعَ الْعُمُومِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ فِي لَفْظِ الِاسْتِثْنَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ قَالَ رَجُلٌ : عَبْدُهُ حَرٌّ وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا إنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾، فَكَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْأَيْمَانِ، ؛ إذْ كَانَتْ مَعْطُوفَةً بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِي شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مُخَالِفٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الدَّاخِلِ عَلَى الْجُمْلَةِ بِحُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّتِي هِيَ " إلَّا " وَ " غَيْرَ " وَ " سِوَى " وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :" إنْ شَاءَ اللَّهُ " يَدْخُلُ لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَجُوزُ دُخُولُهُ إلَّا لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ رَأْسًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا طَالِقٌ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا لِاسْتِحَالَةِ دُخُولِهِ لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ ؟ وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ( إنْ شَاءَ اللَّهُ ) رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ الْمَعْطُوفِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يَجِبْ مِثْلُهُ فِيمَا وَصَفْنَا.
فَإِنْ قِيلَ : فَلَوْ كَانَ قَالَ :( أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حَرٌّ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ ) كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إلَى الْجَمِيعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَعَتَقَ عَبْدُهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا ظَنَنْت، مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَوْلَهُ :( إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ :( إنْ