الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ ؛ وَإِنْ نَفَى وَلَدَهَا قَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا مَا هُوَ مِنِّي، فَإِذَا قَالَ هَذَا فَقَدْ فَرَغَ مِنْ الِالْتِعَانِ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ﴾ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَاتِ اللِّعَانِ ؛ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّ التَّلَاعُنَ وَاقِعٌ عَلَى قَذْفِهِ إيَّاهَا بِالزِّنَا عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ : فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمَا بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَاقِعَةٌ فِي نَفْيِ مَا رَمَاهَا بِهِ، وَكَذَلِكَ اللَّعْنُ وَالْغَضَبُ وَالصِّدْقُ وَالْكَذِبُ رَاجِعٌ إلَى إخْبَارِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِالزِّنَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ وُقُوعُ الِالْتِعَانِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى مَا وَقَعَ بِهِ رَمْيُ الزَّوْجِ، فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى الْمُرَادِ عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ :( إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ ) وَهَذَا نَحْوُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾ وَالْمُرَادُ : وَالْحَافِظَاتِ فُرُوجَهُنَّ وَالذَّاكِرَاتِ اللَّهَ ؛ وَلَكِنَّهُ حُذِفَ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ :( إنَّهُ يَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي ) فَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ لَفْظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ لِأَنَّ فِي الْكِتَابِ :{ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ


الصفحة التالية
Icon