تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَضَتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ " وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ :" إذَا حَاضَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثُمَّ ارْتَابَتْ فَإِنَّمَا تَعْتَدُّ بِالتِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا لَا مِنْ يَوْمِ طَلُقَتْ "، قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ ارْتَبْتُمْ ﴾ " مَعْنَاهُ إنْ لَمْ تَدْرُوا مَا تَصْنَعُونَ فِي أَمْرِهَا " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ شَابَّةٌ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ :" فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ سَنَةً ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَوْجَبَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عِدَّةَ الْآيِسَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَاقْتَضَى ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْعِدَّةُ لِمَنْ قَدْ ثَبَتَ إيَاسُهَا مِنْ الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ ارْتِيَابٍ، كَمَا كَانَ قَوْلُهُ :﴿ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ لِمَنْ ثَبَتَ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ، وَكَقَوْلِهِ :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ ﴾ لِمَنْ قَدْ ثَبَتَ حَمْلُهَا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَاَللَّائِي يَئِسْنَ ﴾ لِمَنْ قَدْ ثَبَتَ إيَاسُهَا وَتُيُقِّنَ ذَلِكَ مِنْهَا دُونَ مَنْ يَشُكُّ فِي إيَاسِهَا ثُمَّ لَا يَخْلُو قَوْلُهُ :﴿ إنْ ارْتَبْتُمْ ﴾ مِنْ أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ : إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِارْتِيَابَ فِي أَنَّهَا آيِسَةٌ وَلَيْسَتْ بِآيِسَةٍ، أَوْ الِارْتِيَابَ فِي أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ غَيْرُ حَامِلٍ، أَوْ ارْتِيَابَ الْمُخَاطَبِينَ فِي عِدَّةِ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ ؛ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِارْتِيَابَ فِي أَنَّهَا آيِسَةٌ أَوْ غَيْرُ آيِسَةٍ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَثْبَتَ مَنْ جَعَلَ الشُّهُورَ عِدَّتَهَا أَنَّهَا آيِسَةٌ، وَالْمَشْكُوكُ فِيهَا لَا تَكُونُ آيِسَةً لِاسْتِحَالَةِ مُجَامَعَةِ الْيَأْسِ لِلرَّجَاءِ ؛ إذْ هُمَا ضِدَّانِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا حَتَّى تَكُونَ آيِسَةً مِنْ الْمَحِيضِ مَرْجُوًّا ذَلِكَ مِنْهَا، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الِارْتِيَابَ فِي


الصفحة التالية
Icon