عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَتِهَا وَمُعَارَضَةُ حَدِيثِ عُمَرَ إيَّاهُ يُلْزِمُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ نُفَاةِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ وَمِمَّنْ نَفَى النَّفَقَةَ وَأَثْبَتَ السُّكْنَى، وَهُوَ لِمَنْ نَفَى النَّفَقَةَ دُونَ السُّكْنَى أَلْزَمُ ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا حَدِيثَهَا فِي نَفْيِ السُّكْنَى لِعِلَّةٍ أَوْجَبَتْ ذَلِكَ، فَتِلْكَ الْعِلَّةُ بِعَيْنِهَا هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتَرْكِ حَدِيثِهَا فِي نَفْيِ النَّفَقَةِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ حَدِيثُهَا فِي نَفْيِ السُّكْنَى لِمُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ﴾ قِيلَ لَهُ : قَدْ احْتَجَّتْ هِيَ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ جَازَ عَلَيْهَا الْوَهْمُ وَالْغَلَطُ فِي رِوَايَتِهَا حَدِيثًا مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ فَكَذَلِكَ سَبِيلُهَا فِي النَّفَقَةِ.
وَلِلْحَدِيثِ عِنْدَنَا وَجْهٌ صَحِيحٌ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِنَا فِيمَا رَوَتْهُ مِنْ نَفْيِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا اسْتَطَالَتْ بِلِسَانِهَا عَلَى أَحْمَائِهَا فَأَمَرُوهَا بِالِانْتِقَالِ وَكَانَتْ سَبَبَ النَّقْلَةِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهِ :" أَنْ تَسْتَطِيلَ عَلَى أَهْلِهِ فَيُخْرِجُوهَا " فَلَمَّا كَانَ سَبَبُ النَّقْلَةِ مِنْ جِهَتِهَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ النَّاشِزَةِ، فَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا جَمِيعًا، فَكَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِإِسْقَاطِ السُّكْنَى ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِنَا الَّذِي قَدَّمْنَا فِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ النَّفَقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحْقَاقِ السُّكْنَى.
فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَتْ النَّفَقَةُ كَالسُّكْنَى ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا عَلَى إسْقَاطِهَا، وَالنَّفَقَةُ حَقٌّ لَهَا لَوْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهَا لَسَقَطَتْ قِيلَ لَهُ : لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ قِيَاسُهَا عَلَيْهَا ؛