وَهُوَ ثَلَاثٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيَكُونَ عَلَى مَا نَوَى " وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :" إنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فُرْقَةً وَلَا يَمِينًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ هِيَ كِذْبَةٌ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" هُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ " وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ " هُوَ بِمَنْزِلَةِ الظِّهَارِ " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" لَيْسَ بِطَلَاقٍ حَتَّى يَنْوِيَ فَإِذَا نَوَى فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِهِ، وَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَيْسَ بِمُولٍ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ جَعَلَ أَصْحَابُنَا التَّحْرِيمَ يَمِينًا إذَا لَمْ تُقَارِنْهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَهَا :" وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك " فَيَكُونُ مُولِيًا، وَأَمَّا إذَا حَرَّمَ غَيْرَ امْرَأَتِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ :" وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مِنْهُ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ مِنْهُ " وَنَحْوَ ذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك ﴾ ثُمَّ قَالَ :﴿ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ﴾، فَجَعَلَ التَّحْرِيمَ يَمِينًا، فَصَارَتْ الْيَمِينُ فِي مَضْمُونِ لَفْظِ التَّحْرِيمِ وَمُقْتَضَاهُ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِذَا أَطْلَقَ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا فَيَكُونُ مَا نَوَى، فَإِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ ؛ وَكُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرُكَانَةَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ :﴿ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً ﴾ فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ مَتَى


الصفحة التالية
Icon