الْإِنْسَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدُ السَّلَمِ وَسَائِرُ عُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَمَتَى مَا قَصَدَ إلَى عَقْدِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْقِدَهَا إلَّا عَلَى مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ﴾ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدُ السَّلَمِ ؟ وَلَكِنَّهُ مَتَى قَصَدَ إلَى عَقْدِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْقِدَهُ بِهَذِهِ الشَّرَائِطِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ﴾ الصَّلَاةُ نَفْسُهَا، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا ؛ قِيلَ لَهُ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ الْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ إلَى الْمَجَازِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلَالَةٍ ؛ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَك مَا ادَّعَيْت كَانَتْ دَلَالَتُهُ قَائِمَةً عَلَى فَرْضِ الْقِرَاءَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ إلَّا وَهِيَ مِنْ أَرْكَانِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ : أَرَادَ بِهِ الصَّلَاةَ ؛ وَقَالَ :﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ، فَعَبَّرَ عَنْ الصَّلَاةِ بِالرُّكُوعِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهَا.
آخِرُ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ.