وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ﴾، يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِذَمِّهِ لِتَارِكِ السُّجُودِ عِنْدَ سَمَاعِ التِّلَاوَةِ ؛ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إيجَابَ السُّجُودِ عِنْدَ سَمَاعِ سَائِرِ الْقُرْآنِ، إلَّا أَنَّا خَصَصْنَا مِنْهُ مَا عَدَا مَوَاضِعَ السُّجُودِ وَاسْتَعْمَلْنَاهُ فِي مَوَاضِعِ السُّجُودِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَسْتَعْمِلْهُ عَلَى ذَلِكَ كُنَّا قَدْ أَلْغَيْنَا حُكْمَهُ رَأْسًا.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْخُضُوعَ ؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّجُودِ يَقَعُ عَلَى الْخُضُوعِ ؛ قِيلَ لَهُ : هُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ خُضُوعٌ عَلَى وَصْفٍ، وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، كَمَا أَنَّ الرُّكُوعَ وَالْقِيَامَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ وَسَائِرَ الْعِبَادَاتِ خُضُوعٌ وَلَا يُسَمَّى سُجُودًا ؛ لِأَنَّهُ خُضُوعٌ عَلَى صِفَةٍ إذَا خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يُسَمَّ بِهِ.
آخِرُ سُورَةِ إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ.