وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي شِرَى أَرْضِ الْخَرَاجِ وَاسْتِئْجَارِهَا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :" لَا بَأْسَ بِذَلِكَ "، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ :" أَكْرَهُ اسْتِئْجَارَ أَرْضِ الْخَرَاجِ " وَكَرِهَ شَرِيكٌ شِرَى أَرْضِ الْخَرَاجِ وَقَالَ : لَا تَجْعَلْ فِي عُنُقِك صَغَارًا وَذَكَرَ الطحاوي عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِكَارٍ قَالَ : سَأَلَ رِجْلٌ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ عَنْ الزَّرْعِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : فَإِنَّك تَزْرَعُ أَنْتَ فِيهَا فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي لَيْسَ فِي الشَّرِّ قُدْوَةٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكْتَرِيَ الْمُسْلِمُ أَرْضَ خَرَاجٍ كَمَا يَكْتَرِيَ دَوَابَّهُمْ " قَالَ : وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ وَلَا لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾ إنَّمَا هُوَ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا ﴾ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وبراذان مَا براذان وَبِالْمَدِينَةِ مَا بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ ضَيْعَةُ براذان وَرَاذَانُ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ابْنَيْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اشْتَرَوْا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ.
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا أَمْلَاكٌ لِأَهْلِهَا.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِلْمُسْلِمِ شِرَاهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ :" أَنَّهُ إنْ أَقَامَ عَلَى أَرْضِهِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ ".
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ شِرَى أَرْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَالَ :" لَا تَجْعَلْ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي عُنُقِ هَذَا الْكَافِرِ فِي عُنُقِك " ؛ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ :" لَا تَجْعَلْ فِي عُنُقِك