الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَلْزَمَهُ حُكْمَ الظِّهَارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ :﴿ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَلْزَمَهُمْ هَذَا الْحُكْمَ ؛ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ بِأُمَّهَاتِهِمْ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فَاقْتَضَى ذَلِكَ إيجَابَ هَذَا الْحُكْمِ فِي الظِّهَارِ بِسَائِرِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ ؛ لِأَنَّهُ إذْ ظَاهَرَ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَلَيْسَتْ هِيَ أُخْتَهُ وَلَا ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بُضْعَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ وَذَوَاتُ الْمَحَارِمِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُك عَلَى هَذَا إيجَابُ الظِّهَارِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِدَلَالَةِ فَحْوَاهَا عَلَى جَوَازِ الظِّهَارِ بِسَائِرِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، إذْ لَمْ تُفَرِّقْ الْآيَةُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهُنَّ ؛ وَلِأَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ قِيلَ لَهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ قَدْ تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ مُفِيدًا لِلتَّحْرِيمِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَمْلِكَ بُضْعَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَتَكُونَ مِثْلَهَا وَفِي حُكْمِهَا.
وَأَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالْأَمْتِعَةِ وَسَائِرِ الْأَمْوَالِ لَا يَصِحُّ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتِ عَلَيَّ كَمَتَاعِ فُلَانٍ أَوْ كَمَالِ فُلَانٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَمْلِكُهُ بِحَالٍ فَيَسْتَبِيحُهُ.