وقَوْله تَعَالَى - :﴿ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ قَرَأَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيٌّ وَابْنُ الزُّبَيْرِ :" فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ " ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَوْ قَرَأْت :" فَاسْعَوْا " لَسَعَيْت حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التَّفْسِيرَ لَا نَصَّ الْقِرَاءَةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِلْأَعْجَمِيِّ الَّذِي كَانَ يُلَقِّنُهُ :﴿ إنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ ﴾ فَكَانَ يَقُولُ طَعَامُ الْيَتِيمِ "، فَلَمَّا أَعْيَاهُ قَالَ لَهُ طَعَامُ الْفَاجِرِ "، وَإِنَّمَا أَرَادَ إفْهَامَهُ الْمَعْنَى وَقَالَ الْحَسَنُ :" لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ الْعَدْوَ، وَإِنَّمَا السَّعْيُ بِقَلْبِك وَنِيَّتِك ".
وَقَالَ عَطَاءٌ :" السَّعْيُ الذَّهَابُ " وَقَالَ عِكْرِمَةُ :" السَّعْيُ الْعَمَلُ ".
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : فَاسْعَوْا أَجِيبُوا، وَلَيْسَ مِنْ الْعَدْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَهُنَا إخْلَاصُ النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ السَّعْيَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ سُرْعَةَ الْمَشْيِ، مِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾ ﴿، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى ﴾، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْعَمَلَ وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَلَكِنْ ائْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ﴾، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْجُمُعَةِ عَلَى هَيْنَتِهِ.


الصفحة التالية
Icon