اللَّهِ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ ﴾ فَعَبَّرَ عَنْ الْيَمِينِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْقَسَمِ وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ فِي حَذْفِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي إظْهَارِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَسَمَ فِي كِتَابِهِ فَأَظْهَرَ تَارَةً الِاسْمَ وَحَذَفَهُ أُخْرَى وَالْمَفْهُومُ بِاللَّفْظِ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدٌ بِقَوْلِهِ :﴿ وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :﴿ ؛ إذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾ فَحَذَفَهُ تَارَةً اكْتِفَاءً بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِإِضْمَارِهِ وَأَظْهَرَهُ أُخْرَى، وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَبَرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ أَصَبْت بَعْضًا وَأَخْطَأْت بَعْضًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُخْبِرنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُقْسِمْ ﴾ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ وَاَللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي ﴾ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ :" أَقْسَمْت عَلَيْك " يَمِينًا ؛ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْرَهُ الْقَسَمَ لِقَوْلِهِ :" لَا تُقْسِمْ " وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ :" لَا تُقْسِمْ " ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الرُّؤْيَا ظَنٌّ قَدْ يَقَعُ فِيهَا الْخَطَأُ، وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنْ يَبَرَّ قَسَمَهُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْهُ لَمَّا أَقْسَمَ عَلَيْهِ لِيُخْبِرَهُ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ تَأْوِيلَ رُؤْيَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الرُّؤْيَا وَرَوَى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اسْتَعْمَلَ