تَرَكَ " وَكَلِمَةُ " لَهُ " تَتَّصِلُ بِتَرَكَ، كَمَا تَتَّصِلُ بِأَخَذَ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ قَوْلِنَا، وَأَمَّا الْجَزَاءُ فَقَدْ يَعُودُ عَلَى مَنْ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الشَّرْطُ، فَتَقُولُ : مَنْ دَخَلَ مِنْ عَبِيدِي الدَّارَ فَصَاحِبُهُ حُرٌّ، وَإِنْ دَخَلَ عَمْرٌو الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَأَمَّا فَصْلُ النَّكِرَةِ فَغَيْرُ لَازِمٍ ؛ فَإِنَّ الْقِصَاصَ قَدْ يَكُونُ نَكِرَةً وَهُوَ إذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فَتَبَعَّضَ الْقِصَاصُ فَيَعُودُ الْبَعْضُ مُنَكَّرًا.
وَهَذَا كَمَا تَرَوْنَ تَعَارُضٌ عَظِيمٌ، وَإِشْكَالٌ بَيِّنٌ، وَتَرْجِيحٌ مِنْ الْوَجْهَيْنِ ظَاهِرٌ، إلَّا أَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ أَظْهَرُ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْأَثَرُ، وَالْآخَرُ النَّظَرُ ؛ أَمَّا الْأَثَرُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ؛ إمَّا أَنْ يَفْدِيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ ﴾.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ كَيْفِيَّةَ الرِّوَايَاتِ وَاسْتِيفَاءَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ.
وَلُبَابُهُ هَاهُنَا أَنَّ الْحَرْفَ الْأَوَّلَ فِيهِ رِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا :﴿ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ﴾.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ :﴿ فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ ﴾.
وَفِي الْحَرْفِ الثَّانِي سِتُّ رِوَايَاتٍ : الْأُولَى :﴿ إمَّا أَنْ يَعْقِلَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ ﴾.
الثَّانِيَةُ :﴿ أَنْ يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ ﴾.
الثَّالِثَةُ :﴿ إمَّا أَنْ يَفْدِيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ ﴾.
الرَّابِعَةُ :﴿ إمَّا أَنْ يُعْطِيَ الدِّيَةَ أَوْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ ﴾.
الْخَامِسَةُ :﴿ إمَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يُقْتَلَ ﴾.
السَّادِسَةُ :﴿ إمَّا أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يُقَادَ ﴾.
وَإِذَا نَزَلَتْ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى الْأُولَى جَاءَ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ تَنْزِيلًا : الْأَوَّلُ :﴿ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ؛ إمَّا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ ﴾، وَيَكُونَ مَعْنَاهُ : إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ صَاحِبِهِ عَلَى مُفَادَاةٍ مَعْلُومَةٍ.


الصفحة التالية
Icon