قَالَ : إنَّ اسْتِتَابَةَ الزِّنْدِيقِ جَائِزَةٌ قَالَ مَا لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُمْ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ، فَقَدْ قَتَلَ بِالْمُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ بِعِلْمِهِ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ ؛ لِأَنَّ الْمُجَذِّرَ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدًا يَوْمَ بُعَاثَ، فَأَسْلَمَ الْحَارِثُ، وَأَغْفَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ الْحَارِثُ فَقَتَلَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ كَانَ غِيلَةً، وَقَتْلُ الْغِيلَةِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الْقَوْلُ الصَّحِيحُ : وَالصَّحِيحُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُمْ تَأَلُّفًا وَمَخَافَةً مِنْ سُوءِ الْمَقَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّنْفِيرِ، كَمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ.
وَهَذَا كَمَا كَانَ يُعْطِي الصَّدَقَةَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِسُوءِ اعْتِقَادِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ، أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحْكَامَهُ عَلَى الْفَائِدَةِ الَّتِي سَنَّهَا إمْضَاءً لِقَضَايَاهُ بِالسُّنَّةِ الَّتِي لَا تَبْدِيلَ لَهَا.