الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾ : هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ :﴿ مَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ مِنْ رَأْسِي فَقَالَ : أَيُؤْذِيك هَوَامُّك ؟ قُلْت : نَعَمْ.
فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ وَلَمْ يَأْمُرْ غَيْرَهُ ﴾
، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْآيَةَ.
فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَرِيضًا وَاحْتَاجَ إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فَعَلَهُ وَافْتَدَى، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ؛ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ :﴿ أَطْعِمْ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ اهْدِ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ﴾، وَفِي الْحَدِيثِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ : هُوَ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ.
قَالُوا : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الصِّيَامَ هَاهُنَا مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ فِي التَّمَتُّعِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
قُلْنَا : هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :: أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي نَازِلَةٍ وَاحِدَةٍ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ؛ وَهَاتَانِ نَازِلَتَانِ.
الثَّانِي : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَدْرَ الصِّيَامِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.


الصفحة التالية
Icon