الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ الْهَدْيُ إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ حِينَئِذٍ يَتِمُّ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَصْفُ التَّمَتُّعِ، وَمَا لَمْ يُتِمَّ الْحَجَّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَخْلُصُ بِهِ أَوْ يَقْطَعُ دُونَهُ قَاطِعٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ وَجَبَ عَلَيْهِ بِضَمِّ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، وَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَأَوَّلُ الْحَجِّ كَآخِرِهِ، وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا فَسَادَهَا، وَلَوْ ذَبَحَهُ قَبْلَ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُجْزِيهِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ وَلَا يَجُوزُ الْحَلْقُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً ﴾.
وَلَوْ كَانَ ذَبْحُ الْهَدْيِ جَائِزًا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَذَبَحَهُ وَجَعَلَهَا حِينَئِذٍ عُمْرَةً.
وَقَالَ :﴿ إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon