الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ عَرَفَاتٍ ﴾ : مَوْضِعٌ مَعْلُومُ الْحُدُودِ، مَشْهُورٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْحَجُّ عَرَفَةَ ثَلَاثًا، مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ ﴾.
وَرَوَيَا وَمَعَهُمَا أَبُو دَاوُد أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسٍ الطَّائِيَّ قَالَ :﴿ أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ فَقُلْت : جِئْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ، أَكَلَلْت مَطِيَّتِي، وَأَتْعَبْت نَفْسِي، وَاَللَّهِ مَا تَرَكْت مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ ﴾.
وَهَذَا صَحِيحٌ يَلْزَمُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا إخْرَاجُهُ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ، وَسَتَرَوْنَهُ هُنَالِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : هَذَا الْقَوْلُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يَقْتَضِي جَوَازَ عُمُومِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كُلِّهَا وَإِجْزَاءَهُ، وَقَدْ ﴿ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَقَفْت هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.
وَنَحَرْت هَاهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَوَقَفْت هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ﴾
خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ، فَقَالَ : هَذَا قُزَحُ، وَهَذَا الْمَوْقِفُ، وَجَمْعٌ، كُلُّهَا مَوْقِفٌ ﴾.
وَرَوَى مُسْلِمٌ ﴿ أَنَّ قُبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ.
الْحَدِيثَ ﴾
.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :{ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ


الصفحة التالية
Icon